حكاية ثورة : العنف السلفي ضد السفارات الأمريكية على خلفية الفيلم المسيئ، أهو دفاع عن النبي الأكرم أم هو رد فعل بافلوفي؟

(1)

‎ الفيلم المسيئ للنبي الأكرم مع كونه ضرب لمقدسات المسلم و محاولة حقيرة و عنصرية للمس من شأنه ، هو كذلك إختبار لكيفية إشعال الحرب في أقصر الآجال بين الأمريكان وحلفائهم في المرحلة الراهنة من المتأسلمين الإخوانيين و الوهابيين الذين تستعملهم الإمبريالية الأمريكية و الصهيونية العالمية لضرب سوريا اليوم و ربما الجزائر غدا و لتفتيت المجتمعات العربية الحديثة و القضاء على معادلة المقاومة القاهرة لجيش إسرائيل الذي لا يقهر.

‎الطامة التي ستحل، أو بالأحرى حلت، بالمسلمين و بشعوب هذا الشرق، هي أسلمة المنطقة سياسيا و تقسيمها بحروب طائفية و تفتيت المفتت فيها و تقسيم المقسم و إدخالها في متاهات الإستحمار و القضايا الواهية و خلق مشكل للمسلمين مع دينهم بعد إقحامه في فن الممكن المسيس و بالتالي المدنس، زد على ذلك، عمل القوى المتأسلمة الوهابية و الإخوانية على زيادة إغراق المسلمين ، لإحكام السيطرة عليهم، في التخلف العلمي و إفراغ دينهم الإسلامي من البعد العقلي الكامن فيه و جعلهم مجرد قطيع نكاحي أعمى و متعصب يسهل إستبلاهه و إستعماله لمصلحتهم و لمصلحة حلفائهم المتصهينين، و إن إستفاقوا من بلههم و غبائهم يستعديهم الصهيوني الإمبريالي، كما حصل مع قاعدة بن لادن، و يكون من السهل إستدراجهم إلى حرب يكونون هم الخاسرين فيها بما أنهم الأضعف وبما أنهم متخلفون و من ثمة يستعمرون من جديد ، فهذا القرن يلوح كقرن إستعماري بأتم معنى الكلمة

‎على مواطنينا الذين ينتمون إلى أحزاب دينية أن لا ينساقوا وراء الأوهام السلطوية. بل عليهم الإستفاقة والمساهمة في بناء الوطن الحر الديمقراطي التقدمي، فهذه سبيلنا الوحيدة لإنقاذ وطننا و ديننا.

‎ الأمريكان و من و رائهم الإسرائليين بمباركتهم و مساندتهم الحركات الإسلامية المتشددة في منطقتنا يضربون أكثر من عصفور بحجر واحد ، أولا تقسيم المجتمعات العربية إلى مسلمين و غير مسلمين و متدينين و غير متدينين ، ثانيا إستعمال المتطرفين الوهابيين لضرب مشروع المقاومة في الشرق العربي و مقايضة الأنظمة المتأسلمة في المنطقة بمشروع تسليم فلسطين ومن ثمة تفعيل مشروع الترانسفير و هو المشروع الذي قاومه الراحل عرفات و القاضي بتوطين الفلسطيين في الأردن، ثالثا زرع أنظمة و شعوب متخلفة يسهل المرور معها من حالة الصداقة إلـى حالة العداوة، حسب المصلحة الصهيونية، بمعنى تحضير عدو المستقبل الذي أستعمله ضد عدو الحاضر، في إطار إستراتيجية إستعمارية قديمة إستعملها البريطانيون من قبل و القائمة على ضرب كل مفهوم وحدوي يوحد هذه الأمة سواء كان الدين الإسلامي زمن الخلافة الإسلامية أو القومية العربية زمن عبد الناصر… ففي كل مرة يتدخل الإمبريالي و الصهيوني لجعل المفهومين في حالة عداء و تنافر مستمرين ، مما يسبب عدم إستقرار هذه المنطقة على مفهوم يوحد صفوفها. و عليه فعلينا أن نعي جيدا المخاطر التي تتهددنا و تهدد مستقبل شعوبنا و أوطاننا.

(2)

‎موقف النهضة من الأحداث الأخيرة – الإحتجاج على الفلم الأمريكي الصهيوني المسيئ للرسول الأكرم و أحداث العنف السلفي الذي تلته- ينم عن نفاق كبير ، السلفيون عندما يعتدون على التونسيين المنادين بالحرية، و على الفنانين و المسرحيين… هم أبناؤنا »إلي ماجاوش من المريخ« و يجب التحاور معهم، و عندما يعتدون على الحليف الأمريكي و يهددون المصالح السياسية للنهضة ، هم مجرمون و ملثمون و يجب قتلهم .

هل سقط القناع عن راشد الغنوشي و أتباعه العريض و زيتون و بوشلاكة و خضر و مكي…؟

ألم يكن موقف النهضة سياسي محض و في تناقض مع خطابها الديني؟

ألم يحن الوقت لتكف النهضة عن المتاجرة بالدين و تعلن نفسها كحزب سياسي و حسب و تترك الدين و شأنه؟

(3)

‎ بلا شك أنه من حق  الشعب التونسي كغيره من الشعوب العربية و المسلمة  أن يتظاهر و يحتج على المس من مقدساته-  سلميا و مدنيا،فالتظاهر حق ديمقراطي – كما أنه من حقه ، بل من واجبه أن يواصل الإحتجاج و النضال لصيانة الإسلام و نبيه من التدنيس و لو بعد إنتهاء أحداث العنف السلفي البافلوفي التي وقعت ضد السفارة الأمريكية، حتى لا تكون تلك الهبّة السلفية العنيفة هي الشكل الوحيد للدفاع عن المقدسات الإسلامية و حتى لا تكون كحلقة منفصلة في شكل رد فعل تحركه دوائر إستخبراتية  صهيونية

‎كل الحساسيات السياسية التونسية بما فيها الأحزاب اليسارية التونسية  هي أيضا مطالبة أكثر من غيرها بالدفاع عن مقدسات الشعب المسلم بطرق واعية و مناضلة و سلمية، لسحب البساط من تحت أقدام تجار الدين الذين بان ولاءهم للأمريكي و للوهابي-الصهيوني أكثر من ولائهم للوطن وللشعب و للدين

‎نورالدين مسعود

Cet article a été publié dans Uncategorized. Ajoutez ce permalien à vos favoris.

Laisser un commentaire